[مشاهد بعد الفتح] :
ثم أمر بالكعبة ففتحت، فرأى الصّور تملؤها، وفيها صورتان لإبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام! فقال- ساخطا على المشركين-: «قاتلهم الله، والله ما استقسما بها قطّ» [2] ، ومحا ذلك كلّه [3] . حتى إذا طهّر المسجد من الأوثان، أقبل على قريش، وهم صفوف صفوف، يرقبون قضاءه فيهم، فأمسك بعضادتي الباب- باب الكعبة- وهم تحته، فقال: «لا إله إلا الله واحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب واحده» .
ثم قال: «يا معشر قريش! ما ترون أنّي فاعل بكم؟» .
قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم!
قال: «فإنّي أقول لكم ما قال يوسف لإخوته: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ، اذهبوا فأنتم الطلقاء» [4] .
وعند ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسجد يجهز على الوثنية في عاصمتها الكبرى، اقترب منه (فضالة بن عمير) يريد أن يجد له فرصة ليقتله.
فنظر إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم نظرة عرف بها طويته إلا أنّه في غمرة النصر الذي أكرمه الله به، لم يجد في نفسه على الرجل، بل استدعاه ثم سأله: «ماذا كنت تحدّث به نفسك؟» . [1] حديث صحيح، أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن ابن مسعود؛ ومسلم من حديث أبي هريرة. [2] حديث صحيح، أخرجه البخاري عن ابن عباس. [3] حديث صحيح، أخرجه أحمد: 3/ 335- 336- 383- 396، من حديث جابر بسند صحيح؛ والطيالسي: 1/ 359، من حديث أسامة بن زيد وسنده جيد كما قال الحافظ في (الفتح) : 3/ 268. [4] ضعيف، رواه ابن إسحاق معضلا كما في (ابن هشام) : 2/ 274؛ وقد ذكره الغزالي في (الإحياء) : 3/ 158، من حديث أبي هريرة دون قوله: «اذهبوا» . وقال الحافظ العراقي في تخريجه: «رواه ابن الجوزي في (الوفاء) من طريق ابن أبي الدنيا وفيه ضعف» ، ثم ذكره الغزالي من حديث سهيل بن عمرو. فقال العراقي: «لم أجده» .
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 383